google-site-verification: google3bfe7e18e2a7810f.html

Sunday, August 13, 2017

خفايا سجن الباستيل...مروة علي ابراهيم تبحث


من منا لايعرف سجن الباستيل ؟ وقصة إقتحامه التى شغلت الناس عبر التاريخ ، وهوية السجناء الذين عاشوا بين أركانه، فقصته مرتبطة بالثورة الفرنسية التى قامت عام 1789م للباستيل تاريخ أسود وحكايات غريبة عن أناس قد سُجنوا به ، فهذا السجن كان يسمى بالباسيتد وليس الباستيل بمعنى الحصن كما هو معروف ،قد تم بنائه لحماية باريس من ناحية الشرق وأيضا لحماية باب سان دنيس وسان مارتان بعد الهزيمة فى معركة بواتييه.
الباستيل كان حصن أو قلعة فى الأساس وكان يقع تحديدا عند باب سانت أنطوان ، وتم حفر خندق من حوله ، وهذا الخندق كانت تغمره المياه بعرض 25 مترا ، حتى لا يستطيع العابرون عبوره سواء بالدخول إليه أو الخروج منه ، إلا من خلال استخدام جسر خشبى ، حجمه بعرض الخندق ، معلق بسلاسل غليظة ترفع الجسر وتنزله بدواليب تدار داخليا.
ومن ضمن الجماهير التى هاجمت سجن الباستيل ، الميليشيات البرجوازية وكانت تسمى مليشيات المدينة وقد كونها الثوار من أبناء الطبقة المتوسطة الفرنسية ، واستولى المهاجمون على الأسلحة من ثكنات الجيش الفرنسى وعددها 32.000 بندقية و خمسة مدافع ، عندما تم الاستيلاء على الباستيل تم تحرير سبعة سجناء ومن بينهم أربعة نصابين مزورين والكونت دى سولاج الذى سجن لجرائم بشعة و فظيعة قد إرتكبها هذا الكونت. صمم الحرس السويسرى على الدفاع عن الباستيل ، فأطلقوا النيران على جموع المهاجمين ، فقتلوا 83 رجلا وأصابوا 88، وعلى الرغم من ذلك فضل بعض الحرس الإستسلام ربما خوفا من سقوط المزيد من الضحايا وهم أيضا لن يسلموا من الأذى. ومع غضب الجماهير لم تقتل إلا رجلا واحدا فى بناء الباستيل ، ولم تمس السويسريين بسوء ، الذين أعتقدوا من ملابسهم أنهم من الخدم أو المسجونين. إنما ضربوا الحامية الفرنسية التى تحرس الباستيل ، وتم تحطيم عقارب الساعة الحديدة بالحجارة ، بعض المهاجمين للسجن صبوا كامل غضبهم على حجارة السجن ، فحاولوا إقتلاعها بأيديهم. وإتجهوا للإفراج عن سجناء الباستيل وذلك بفتح الزنازين ، فأصيب أحد هؤلاء السجناء بالجنون ، لخوفه من الصوت العالى الذى لم يعتاد عليه منذ وقت طويل. فى شارع سانت انطوان خاض أولئك المهاجمون معركة أخرى غير معركة إقتحام الباستيل ،حينا إقتربوا من ميدان الساحل واجهوا مجموعة أخرى لم تشترك فى القتال ، فتم القتال وقتلوا أحدهم فى شارع تورنيل ، وآخر على رصيف نهر السين. إلى جانب أن الباستيل كان مخزن لجواهر التاج الفرنسى وكنوزه ، كان خزينة للأموال العامة ، ومخزنا للأسلحة والذخيرة أيضا، فقد أودع ملك فرنسا فى الباستيل مبلغ 13 مليون جنيه ذهبا فى عام 1600 م أيام حرب فرنسا مع أسبانيا. أما الصورة التى عرف بها الباستيل والتى كانت صورة نمطية معروفة عنه ، إنه معتقل جهنمى وسجن سىء السمعة ، حيث كان يتم به التعذيب الشديد لسجنائه، على الرغم من ظهور مؤرخى هذا العصر الذين نفى بعضهم هذا الإتهام ، وأكتفوا بقولهم أنه سجن لاتعذيب فيه. يذكر أن الباستيل بنى عام 1400م وسقط فى عام 1789م ، وفى هذه السنوات كان عدد السجناء الذين أودعوا فيه حوالى6000 سجين ، وذلك حسب أرشيف مكتبة الارسينال. أول السجناء المدنيين الذين تم سجنهم فيه ، كانا إثنان من السحرة وذلك فى عام 1423م ، وسبب سجنهما هو فشلهما فى شفاء الملك من الجنون ، فى عام 1428 كانت فرنسا كلها شمال نهر اللوار وباريس تحت قبضة هنرى السادس ملك إنجلترا ، ووثائق تلك الفترة من تاريخ فرنسا ، تؤكد أن عدد سجناء الباستيل 17 سجينا منهم 4 من الإنجليز ، وثلاثة من الفرسان ، وثلاثة من بريتانى ، وراهبان وقسيس ، وإثنان من صانعى النبيذ وفتى فى الثالثة عشر من عمره. ومنذ البداية تحول الباستيل من حصن عسكرى للدفاع إلى سجن لأعداء الملك ، وحتى سجن للنبلاء الذين يتمردوا على نظام البلاط الملكى. مع إمتداد السنوات أصبح الباستيل سجنا لطوائف دينية جديدة مثل البروتستانت وأتباع الجانسنية ، والجزويت بينما كان به قلة من منتهكى القانون العام. سجن الباستيل لم يكن سجنا وحيدا فى باريس ، بل كان يوجد سجون أخرى منها سجن فانسين وسجن مون سان ميشيل وقصر دانجيه ، هكذا تعددت السجون فى باريس ، لكن ظل الباستيل هو أشهرها لأهميه سجناءه وشهرة الجرائم التى قاموا بإرتكابها. ومن المشاهير الذين كانوا مسجونين به البرنس كونديه ووزير مالية فرنسا أيام حكم لويس الرابع عشر ، والمفكر الكبير لاروشفوكو، والمرشال ريشليو إبن الكاردينال الشهير ، وذو القناع الحديدى ، والكاتب فولتير ، وداميان الذى حاول إغتيال الملك الفرنسى لويس الخامس عشر، أيضا القائد ديموريين بطل معركة فالمى فيما بعد ، والمركيز دى صاد والساحر الشهير كاليوسترو، والكاردينال دى روهان بطل فضيحة سرقة جواهر الملكة مارى انطوانيت ، بالنسبة لأشهر الجرائم فهى قضية السموم أيام حكم الملك لويس الرابع عشر. لويس الخامس عشر هو أول من وحد فرنسا ، وجعل الباستيل سجنا رسميا للدولة و لخصومه السياسيين والمتأمرين عليه لقلب نظام الحكم ولاسيما فى صراعه مع شارل الجسور والبرجنديين ، واستحدث فى الباستيل أقفاصا من الحديد لاتسمح بالوقوف بداخلها وهذا هو قمة التعذيب ، وتم تزويدها بسلاسل غليظة تنتهى بكرات حديد لتشل حركة قدم السجين. وبداية من عهد لويس الحادى عشر كانت هناك غرفة خاصة للتعذيب واستخلاص المعلومات بطرق فظيعة جدا إلى الحد الذى يصبح فيه السجين مشرفا على الموت. عندما تحول الباستيل إلى سجن كان يصرف عليه من أموال الملك الخاصة (سجن ملكى) ، وما يحدث فيه يكون بعيد عن رقابة القانون العام . لم تحدث فى الباستيل إعدامات لكنها حدثت فى ميدان الجريف أمام بلدية باريس ، والإعدام كان يت عادة بقطع الرأس ببلطة هذا بالنسبة للنبلاء ، إلى جانب الإعدام وجدت عقوبات أخرى كالنفى أو الإعتقال مدى الحياة فى أحد الأديرة مثلا. لإعتقال أحد المطلوبين كان الملك يوقع على أمر إعتقال ملكى وتسمى "الخطابات المختومة" ، كانت قليلة العدد حتى جاء حكم لويس الرابع عشر ، بعدها تدفقت وكثرت تلك الخطابات الملكية. وزيادة أوامر الإعتقال والظلم والتعسف هو ما أشعل نيران الثورة الفرنسية ، وتم تركيز الجهود على منبع الظلم والجور وهو سجن الباستيل ، فكان هو من وجهة نظر المعاصرين أفتك السجون لذا يجب التخلص منه كرمز للظلم. هكذا تم إقتحام سجن الباستيل ودارات المعارك وشهد عام 1789 م نهاية سجن الباستيل كرمز للسجن الذى أعتقلت فيه أحلام الفرنسيين فى ذلك الوقت. مرجع كتاب الثورة الفرنسية للدكتور لويس عوض ،الهيئة المصرية العامة للكتاب ،1992