كانت للمرأة فى مصر القديمة معاملة أفضل من معاملة المرأة فى الحضارات
القديمة وخاصة فى بلاد اليونان والرومان ، وهو مادلت عليه الوثائق والحقائق
والنقوش المصورة على الجدران ، فتمتعت المرأة المصرية بحقوق مساوية للرجل فى
الواقع ، وليس على الورق كما يشاع ، مثلا فى النسب كان يتم ذكر المرأة أكثر من
الرجل ، وظل ذلك التميز الفريد حتى العصر البطلمى ، عندما تغير كل شىء ، بفضل
الثقافة اليونانية القادمة وأيضا غيرها من الثقافات التى عملت على تغيير النظام
الإجتماعى المصرى القديم .
ومن المهم معرفة أنه كان يحق للمرأة المصرية القديمة ، أن تدفن فى مقبرة
خاصة بها ، شأنها فى ذلك شأن الرجل ، وكان هذا قديما من علامات المساواة ، مع وجود
القرابين والأشياء الأخرى التى تحتاجها المرأة المصرية طبقا للعقيدة التى كان
يعتنقها المصريين القدماء.
ومايرتاح له العقل أن المرأة المصرية القديمة كان يحق لها حرية التصرف فى
أموالها ، لس هذا فحسب لكن حرية إدارة ممتلكاتها من ضياع وخدم وأشياء ثمينة ، كل
ذلك رفع من مكانتها اذ ماقورنت بالمرأة فى أى مجتمع آخر آنذاك ، ويحق لها كتابة
العقود والوصايا وتحرير الرقيق ، والأجمل من كل هذا هو حقها أن تكون شاهدة على
عقود الزواج مثلها مثل الرجل .
لم يهضم حقها فى رفع الدعاوى أمام المحاكم المصرية القديم النظامية ، بعكس
المرأة اليونانية التى كانت تحتاج إلى وصى لتفعل كل تلك الأمور القانونية.
أما إمتلاك الأموال والثروات وغيرها من الممتلكات بالنسبة للمرأة المصرية
القدمية فكان عن عن طرق مثل : الوراثة من أحد الأبوين ، الإهداء من جانب زوجها ،
الشراء من مالها الخاص وبكامل حريتها التى تتمتع بها.
بالنسبة إلى ورثها فكان الزوج يحدد لها النصيب الأكبر أو يترك لها حرية
التصرف فيها كما تشاء ، ومثال على ذلك فى عصر الدولة الوسطى وجد عقد تنازل فيه
الزوج لزوجته وأبنائها عن خمسة عشر أسيرا.
ومن الطريف أنه كان بإمكان المرأة الحصول على الأملاك ، بتبنى زوجها لها
ومن بعدها ينقل كل أملاكه لها ، وتصبح كل الأملاك حقها ، والذى دلنا على ذلك هى
إحدى عقود التبنى من الأسرة العشرين ونقرأ منها مايلى "وجميع ممتلكاتى التى
جمعتها معها ، أمنحها لزوجتى نا – نفر بحيث لايقف أى من إخوتى وأخواتى ضدها
".
أما التعليم فكان هناك القليل من النساء من
يستطيعن القراءة والكتابة ، والذى يدل على ذلك هى التوقيعات التى وجدت ، ربما هن
قلة وكن فقط فى طبقة الأميرات والملكات والطبقات الغنية ، لأن التعليم فى ذلك
الوقت كان مقتصرا على طبقة الكتبة.
النساء فى مصر القديمة قد تقلدن بعض المناصب العليا ، ومنها مديرة صالة
الأكل ، أو رئيسة ورشة صناعة الشعر المستعار ، أو رئيسة المغنيات ، أو رئيسة
النساجات ، أو مديرة المنزل ، على الرغم من غرابة تلك الوظائف بالنسبة لعصرنا ،
إلا أنها توضح أنه لم يكن هناك عنصرية ضد النساء فى شغل المناصب الريادية ، وكانت
لهن ألقابا شرفية.
فى عصر الدولة الحديثة كانت النساء على إختلاف الطبقات التى أتين منها ،
يعملن فى المعابد ، إلى جانب طبقة الكاهنات المنتميات للعائلة المالكة ، وطبقتى
الموظفين والكهنة ، بعض الكاهنات كن يحملن اللقب شرفيا فقط، وهذا النوع كان وراثى
، يحق للنساء التصرف فيه بكل حرية ، فيعرف أن الملكة أحمس نفرتارى قد ورثت أخاها
فى منصب كاهن ثان فى معبد آمون فى الكرنك ، بعد أن عوضت اخوها ماليا.
المرأة الأجنبية الحرة فى مصر القديمة كانت تعامل معاملة المرأة
المصرية الحرة ، فأما الإماء والجوارى فكن
يعاملن معاملة الإماء المصريات وعليهن نفس الواجبات والأعمال ، لم يكون هناك مجال
للتمييز ، فكان المصريين القدماء يطلقون سراح بعض الأسرى والعبيد وخاصة الإماء كما
ورد فى كثير من المناسبات.
فى مصر القديمة كان للملكة دور مهم فهى الوريثة للعرش ، وعندما كانت أميرة
عليها الزواج من أكبر أبناء الملك الذكور ويفضل أن يكون هذا الإبن من أبناء الزوجة
الرئيسية للملك ، ليحتفظ الدم الملكى بنقائه طبقا لنظام الملك فى مصر وقتذاك ،
وكان اسم الملكة ينقش بلقب " الزوجة الملكية الكبرى " ، دليلا على أهمية
الملكة فى القصر الملكى المصرى فى عصور مصر القديمة.
وجدت هناك زوجات فرعيات للملك فى مصر القديم بجانب الزوجة الرئيسية ، لكن
لم يظرهن للحياة مثل الزوجة الرئيسية ، الملك ووبناته كانوا يعيشون إلى جوار
الحريم أو الزوجات الفرعيات ، وعلى ذكر ذلك كانت أسرة الملك رمسيس الثانى كبيرة
جدا لانستطيع تخيل عددهم بالنظر ، لأن هذا الملك قد أنجب من زوجاته 79 إبنا و59
بنتا ، وهذه أكبر أسرة ملكية قد سمع عنها فى تاريخ مصر القديم ، فمولك مصر قد
تزوجوا من أميرات أجنبيات من ممالك وأمم أخرى مثل ميتانى وبابل ، كل الأميرات مخصص
لهن معلم للموسيقى خاصة لتعلميهن العزف على الآلات الموسيقية لإدخال البهجة
والسرور على قلب الملك فى مختلف المناسبات .
المرأة المصرية فى العصور القديمة مهتمة بمنزلها ، وكانت تساعدها الخادمات
، أما ملابس المرأة المصرية قديما فهى بسيطة ، لم تتغير فى القدم كثيرا ، فالمادة
الأساسية لملابسها كانت الكتان ، فهو ملاءم لجو مصر ، وملابس كل نساء مصر من
الطبقات الغنية حتى أدنى الطبقات موحدة ، وفى العادة هو ثوب طويل من قطعة قماش مثلثة
وخيطة بالطول من أحد الجانيين ، ومن المفيد أن نذكر أن ملابسهن ليست ضيقة كما يظهر
فى النقوش ، وإلا كيف تحركن بها وهى بهذا
الضيق الغير عادى ؟
ذكر أن جمال المرأة المصرية كان نادرا ، وهى ككل نساء الأرض تتجمل بإستخدام
أدوات التجميل ، والذى سيدهشك أن هذه المستحضرات لا تقل جودة ولا كفاءة عن
المستحضرات العالمية الآن ، أما الرشاقة فكانت المرأة المصرية رشيقة ، وقوامها لم
يعرف السمنة فى ذلك الوقت ، وجدير بالذكر أن السمنة كانت مدعاة لسخرية فنانين مصر
القديمة.
فالمرأة المصرية إهتمت بطعام صحى يقوم على تناول الماء الساخن قبل الأكل ،
والإهتمام
بتناول الخضراوات والفواكه الطازجة ، وخبز الشعير ، وعسل النحل ، وكأن
المصريات هن من وضعن أسس الحفاظ على الرشاقة من قديم الأزل.
أما إهتمام المصريات بالنظافة فكان شىء مقدس كتقديس الحياة البشرية ،
وتدلنا الرسومات على ذلك ، فكان استخدام الماء للتطهر وخاصة قبل الدخول للأماكن
المقدسة ، وهذه هى الفطرة الإنسانية التى مارستها المرأة المصرية منذ القدم وهى
المحافظة على نظافتها ، وليس هذا فحسب لكن المحافظة على منزلها ، بدوام تنظيفه
وجعله أنقى مكان لتعيش فيه سعيدة.
وعاشت المرأة فى مصر القديم مكرمة فى بيت زوجها ، فكان محبا ومحترما لها
وشاركها فى الرخاء والضيق وقد حث الحكاء على حب الزوجة مثل قول بتاح حتب : أحبب
زوجتك داخل بيتك .. أطعمها واكسها .. اسعد قلبها طول حياتك ، وذلك قمة العطف أن
يطعهما ويشترى لها الملابس الجميلة لتدوم المحبة بينهما ، وعليه ألا يؤذيها فهى
حديقة مثمرة لزوجها.
الأبناء كانوا يراعون أمهم ويحبونها حب جميل ، وكانت هىى محل إحترام
أبنائها ، فهمى من ربت وعلمت ، وعليه فإنه جميل يرد لها من قبل أبنائها.
وفى نصيحة الحكيم آنى لابنه يقول : ضاعف الخبز الذى تعطيه لأمك
واحتملها كما احتملتك
وهكذا كان الأباء يحرصون على جعل أبنائهم يبرون أمهاتهم ، وذلك قمة الوفاء
الجميل الذى قلما نرى له وجود.
هكذا عاشت المرأة المصرية فى العصور القديمة ، وتبوأت أفضل مكانة كان من
الممكن أن تحظى بها المرأة فى العالم القديم.
المصدر:
كتاب المرأة المصرية القديمة ـ تأليف د/ محمد فياض ، دار الشروق ،الطبعة
الأولى 1995